من عادتي وانا حين أتغدّى أحب ان اسمع اغنية رق الحبيب لأم كلثوم .. فمع استحواذي على اغلب أغانيها تبقى هذه الأغنية لها وزنها الفني والموسيقي الخاص فهي من تلحين القصبجي صاحب النظارة السوداء الذي يجلس وراءها يعزف على العود .. فمن كثرة ما عزف خرج بهذه الأغنية الرائعة حيث مضى في تلحينها مدة ثماني ساعات ومزج فيها اربعة مقامات ولذلك لها جمالها الخلاب .
ومن عادتنا في البيت اننا قبل البدء بالطعام نقرأ عدة أسطر من الكتاب المقدّس . ثم ننقض على الطعام وانا استمخ على رق الحبيب .. نعم وفي هذا اليوم 19 من ايلول وانا تقريبا منهي كأسي العرق الذي استعين به في مأكلي فاجأتني زوجتي
قالــــت ـــ هل تعرف اليوم وتاريخه ... وما يعني لنا ؟؟؟؟
لم ادر عجلة ذاكرتي الى التاريخ
قالــــت ــ هل فَشلت ذاكرتك في معرفة ما الحدث في مثل هذا اليوم ؟؟؟
وهنا وفقتُ كمن لسعه ثعبان اليف ...
عفوكِ حبيبتي .... اليوم ذكرى زواجنا
نعم قبل سبعة وثلاثين سنة مضت ... كان يوم جمعة 19 ايلول عام 1974 في القامشلي .. ركبنا السيارات وبدأت بالزماميير الى بيت العروس ومنها الى الكنيسة وبعد الكنيسة والأكليل تابعنا مسيرتنا الى المحطّة القديمة وأخذنا الأوتومتريس يومها الى حلب .. هناك بقينا ثلاثة ايام ثم قمنا في جولة الى اغلب المدن السورية فالأصدقاء كثر والكل حلفَ واتّالفَ بان يقوم بالواجب في هذه المناسبة كل في مدينته .
قالــــت ــ ورزقنا الله بالأولاد ... وكبروا ... وتزوّجوا ... وخلّفوا لنا أحفاد ليس أغلى منهم .. نخاف من وعكة تلم بنا تكون قاتلة اذا مرّ يومان دون رؤيتهم ..
كبرنا عزيزي واشتغلنا طول الوقت ... وبنينا وغيّرنا دورنا وحتى مناطق سكننا وحتى دول كوننا نعيش الآن في المانيا ..
عجلة العمر كبيرة بحجم الزمان .. مملوءة تاريخ وذكريات وحوادث ... احزان وافراح . كثير من اهالينا واصدقاءنا .... غادروا الحياة وودّعناهم الى مثواهم الأخير .
ولا زلنا نســــاير موكب الحياة ان شئنا او أبينا فذلك ليس باختيارنا .
قلتُ لها ــ ولكني رجعتُ الى وزن وثقل صداقتي مع رفاقي ومع من احبّهم ويحبوني ... لا زالت هي هي محبّة وتقدير واحترام وشوق الى الجلوس لبعضنا البعض للسمر والحديث الموزون .
قالـــــت ــ لكن عزيزي كل منهم التفت الى حياته وعائلته ولم تعد صداقات الأمس بحلاوتها وجمالها .... فالحياة اصبحت قاسية ومتطلّباتها صارت عديدة ينوء تحتها كاهل الأنسان لكثرتها وتشعّباتها
قلت لها ــ لكن يبقى الأيمان بنعم الله وقدرته اللامتناهية السند القوي والأمل الجميل لكل انسان في عمرنا ... ليرى امامه ويشكر ربّه ويعيش باقي عمره راضيا
وبحركة لاشعورية منّا نحن الأثنين وقفنا سويّة واتجهنا نحو صورة عزرت آزخ وطلبنا منها ان تباركنا وتستمر في المن علينا بنعمها الغزيرة بمناسبة مرور هذه السنين السابعة والثلاثين على زواجنا .
حفظ الله كافة المتزوجين وملأ حياتهم محبة وسعادة وايمان ونعم وبركة وصحة
ثم تابعنا تناول الغداء بلـــــــــــــــــــــــــــذّة لا توصــــــف
